كريم ذكرى Admin
المساهمات : 105 تاريخ التسجيل : 23/02/2010
| موضوع: دور التعليم العالى فى التنمية السبت مارس 27, 2010 10:46 am | |
| دور التعليم العالى فى التنمية (*) يمثل المجموع الكلى للمواطنين الهدف النهائى لعمليات التنمية فى الدولة ، وفى ذات الوقت يمثل جزء كبير منهم أداة تنفيذ برامج التنمية .. ومن هذا المنطلق فإن خطة التنمية فى المملكة استهدفت بعد المحافظة على القيم الإسلامية وتطبيق شريعة الله وترسيخها ونشرها ، والدفاع عن الدين والوطن والمحافظة على الأمن والاستقرار الاجتماعى للبلاد ، أستهدفت تكوين المواطن العامل المنتج بتوفير الروافد التى تجعله كذلك ، وضمان مصادر الرزق له ، وتحديد مكافأته على أساس عمله ، وتنمية القوى البشرية والتأكد المستمر من زيادة عرضها ورفع كفاءتها لتلبية متطلبات تحديث الاقتصاد الوطنى .. وبالتركيز على جملة (تكوين المواطن العامل ، المنتج) نرى أهمية البناء النوعى للإنسان ، من خلال الاستثمار فى رأس المال البشرى ، وإحداث تغير نوعى فى الكم السكانى عن طريق تطوير الكيفيات التى ينشأ بها الفرد فى المجتمع منذ ميلاده .الاستثمار فى تغيير نوعية الفرد يبدأ من رعاية الطفل ، ويمتد الى تحسين الخبرات التى يكتسبها من محيط الأسرة والمجتمع ، والأنشطة التى يمارسها ، والمعارف التى يستمدها من نظم التعليم والتدريب والعمل .. إذا أخذنا فى الاعتبار أن كل فرد يولد بمجموعة من الجينات الموروثة التى تحدد قدراته الفطرية (هذه القدرات الفطرية تميل للتماثل لدى معظم أفراد المجتمع الواحد) فإن القدرات المكتسبة هى ما يجب أن يكون محلا للعناية ، وهى تتباين بصورة كبيرة ، ويتوقف عليها التغيير الإجتماعى النوعى المطلوب إحداثه عن طريق الاستثمار فى رأس المال البشرى .. ومؤسسات التعليم أهم المنظمات الفعالة لتحقيق هذا الهدف . وتنقسم مؤسسات التعليم إلى مؤسسات تعليم عام ومؤسسات تعليم عالى ، ولكل منهما دوره وأهدافه التى تشكل فى مجموعها الأهداف العامة .أهداف التعليم العالى 1- تنمية عقيدة الولاء لله ، ومتابعة السير فى تزويد الطالب بالثقافة الإسلامية التى تشعره بمسؤوليته أمام الله عن أمة الإسلام لتكون إمكانياته العلمية والعملية نافعة مثمرة .. وذلك بترسيخ عقيدة المجتمع ومجموعة قيمه ومعتقداته وتراثه الثقافى والاجتماعى والتاريخى . فكما أن التعليم أداة تغيير نوعى فأنه فى ذات الوقت أداة محافظة على ثوابت المجتمع ، ولا يوجد تخصص يخلو من متطلبات دراسة الثقافة الإسلامية واللغة العربية بالإضافة إلى الفكر الإسلامى ومبادئه ضمن المواد الأخرى ، بحيث تشكل المعرفة بالعلوم الإسلامية الوعاء السليم لحفز العلوم الأخرى (فإذا فسد الوعاء فسد ما فيه) ، كما أن هناك تخصصات مستقلة بالعلوم الإسلامية .2- إعداد مواطنين أكفاء مؤهلين علميا وفكريا تأهيلا عاليا لأداء واجبهم فى خدمة بلادهم والنهوض بأمتهم فى ضوء العقيدة السليمة ومبادئ الإسلام السديدة .يتوافق نظام التعليم مع أهداف المجتمع وعناياته ، وهو وسيلة فعالة لتعزيز الشعور الوطنى كحصن يدرأ الأخطار الداخلية والخارجية ، وذلك فى إطار بناء شخصية الطالب وتنمية المسؤولية الفردية لديه مع القدرة على المشاركة الفعالة فى حياة المجتمع ، وتوفير الكوادر المتخصصة فى أبواب المعرفة .. وكما يقدم نظام التعليم المعرفة لطلابه فأنه يقوم بتيسير الثقافة العلمية لعامة أفراد المجتمع ، ففى مؤسسات التعليم العالى يتم تزويد الفرد بالمعارف التى تؤهله للانتقال إلى عالم العمل واستيعاب احتياجات أداء الأعمال بكفاءة ومهارة .. الى جانب أن جميع مؤسسات التعليم العالى تحتوى على مراكز أو برامج لخدمة المجتمع ، إضافة إلى مساهمات منسوبى هذه المؤسسات فى دفع الحركة الثقافية والإعلامية إلى مستوى يجعلها تساير التطور الذى تعيشه المملكة باعتبار أن هذا الأمر هو الهدف الخامس ضمن أهداف خطة التنمية .ويقوم بعض أعضاء هيئة التدريس بالجامعات السعودية بتقديم الاستشارات المباشرة إلى الجهات الحكومية من خلال العمل كمستشار غير متفرغ ، أو من خلال الإعارة المؤقتة الى تلك الجهات .. أما بالنسبة للاستشارات إلى القطاع الخاص فتعتمد على مدى فعالية مؤسسات القطاع الخاص فى الاستعانة بخبرات أعضاء هيئة التدريس ، سواء عن طريق الإعارة أو عن طريق الاتصال بالجامعات وتوضيح احتياجاتهم من هذه الخبرات ، وبالتالى تقوم هذه الجامعات بالاتصال بالأقسام المتخصصة وطلب العمل على تلبية هذه الاحتياجات من خلال البحوث أو التقارير أو التوصيات .كما تقوم الجامعات بسد احتياجات مؤسسات العمل من الخريجين للقيام بالأدوار المتوقعة منهم لتحقيق أهداف خطط التنمية ، بالتوسع فى إنتاج وتصدير النفط الخام كمصدر رئيسى للدخل ، مع الاستمرار فى أحداث تغيير حقيقى فى البنية الاقتصادية للبلاد بالتحول المستمر نحو تنويع القاعدة الإنتاجية بالتركيز على الصناعة والزراعة .3- إتاحة الفرصة أمام النابغين للدراسات العليا فى التخصصات العلمية المختلفة .تهدف الجامعات والكليات والمعاهد إلى تكوين بيئة علمية تسهل عملية انتقال المعارف والمهارات فى التخصصات المختلفة الى الطلاب الذين سيلجون سوق العمل عند تخرجهم . وهناك تباين فطرى بين الطلاب من حيث اجتهادهم وقدرتهم على اكتساب المهارات والمعارف ، تظهر تميز مجموعة منهم ذات قدرات أعلى .. ولهؤلأ تتيح الجامعات فرص الدراسات العليا سواء داخل المملكة أو خارجها ، ومن بينهم تختار الفئة التى ستلتحق بهيئات التدريس فى المستقبل .4- القيام بدور إيجابى فى ميدان البحث العلمى الذى يسهم فى مجال التقدم العالمى فى الآداب والعلوم والمخترعات وإيجاد الحلول السليمة الملائمة لمتطلبات الحياة المتطورة واتجاهاتها التقنية .يتكيف نظام التعليم وفقا لظروف المجتمع وتطوراته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وعليه مسؤولية المساهمة فى نهضة البلاد من خلال العناية بالبحث العلمى ومتابعة تطوراته . وكما تتنافس الصحف فى مواكبة الخبر والحدث الجيد والجديد ، فأن مؤسسات التعليم العالى مسؤولة عن متابعة ومواكبة التطور العالمى فى العلوم والآداب والفنون ، بطريقة تناسب إحتياجات المجتمع .البحوث الجامعية لا تهدف إلى تحقيق ربح ، وتتحمل الجامعات جزءا كبيرا من تكلفتها فى صورة معامل " أدوات علمية " ، حاسب ألى ، سفن أبحاث بحرية ، مزارع نموذجية ، مراصد فلكية ، أجهزة وقاية وتحكم ، وغير ذلك .. كما ترصد سنويا ميزانيات لدفع مكافأت رمزية للمتميزين فى بعض المجالات .ولابد من الاعتراف بأن ثمة قصور فى دور القطاع الخاص فى دعم البحوث الجامعية ، ليس فقط فى مجال الدعم المالى بل أيضا فى مجال اقتراح موضوعات مفيدة للبحث تعبر عن احتياجات هذا القطاع . مع عدم اهتمامه بتطبيقات ما تم إنجازه من بحوث ، أحيانا بحجة أنها أكاديمية بعيدة عن الواقع ، وهذا سوء فهم لدور البحث العلمى الأكاديمى فى تطوير الواقع العملى . الأبحاث الزراعية المتعلقة بالوراثة فى النبات والحيوان والدواجن ، والتقدم الصحى من خلال الأبحاث الطبية والتقدم فى علوم الطاقة جميعها تمت من خلال أبحاث أكاديمية جرت فى الجامعات .. للأسف يوجد العديد من الأبحاث المفيدة التى لم تدخل حيز التنفيذ والتطبيق لخدمة المجتمع ، لا لأنها غير صالحة بل لأنها لاتزال حبيسة مجلدات وأوراق لا يعلم عن محتواها إلا الباحث لأنها لم تجد الاهتمام الكاف .5- النهوض بحركة التأليف والإنتاج العلمى بما يطوع العلوم لخدمة الفكر الإسلامى ويمكن البلاد من دورها القيادى لبناء الحضارة الإنسانية على مبادئ الإسلام الأصيلة التى تقود البشرية إلى الخير وتجنبها الانحرافات المادية والالحاد .عندما ننظر للجامعات والمعاهد العلمية على أنها مصانع إنتاج للموارد البشرية المؤهلة ، فإنها كمصانع لها مدخلات أو مستلزمات إنتاج هى : الطالب ، الأستاذ ، الكتاب ، البحث ، القاعات والمعامل والإدارة .. ولها مخرجات أو منتجات هم الخريجون والأبحاث والابتكارات والاختراعات إضافة إلى أستاذ المستقبل .. لاحظ أن هذه المخرجات ستصبح مدخلات مرة أخرى فى دورة إنتاج تصاعدية من حيث الكيف والكم . ومن هنا يتضح أن الكتاب والبحث يعتبران وسائل هامة فى العملية التدريبية وفى نفس الوقت نتيجة لها.. لا يخفى على أحد أهمية الكتاب والبحث فى دفع عملية التنمية الشاملة فى جميع المجالات إلى مستويات متقدمة ، غير أن سوق الكتاب لازال يعانى من كساد كبير ، فالكتاب الجيد يحتاج إلى عدد كاف من القراء بحيث تغطى إيرادات الكتاب تكاليف طباعته ، وكثير من المؤلفات لا تحقق ما يغطى تكاليفها ، حتى بدون مردود مالى للمؤلف الذى قد يكتفى بالجزاء المعنوى .6- ترجمة العلوم وفنون المعرفة النافعة إلى لغة القران وتنمية ثروة اللغة العربية من المصطلحات بما يسد حاجة التعريب ويجعل المعرفة فى متناول أكبر عدد من المواطنين.المعرفة الإنسانية ليست رصيدا بل تدفقا مستمرا من المعارف فى كل منطقة من مناطق العالم . وهذه المعارف لا تعترف بالحدود الجغرافية وأهم عامل معيق لتدفقها إختلاف اللغات (وحدث أن اكتشفت نظريات علمية فى دول أوروبية كفرنسا وألمانيا لم تأخذ حقها التاريخى بسبب عدم ترجمتها فى الوقت المناسب إلى الإنجليزية مما أدى إلى ظهور نفس النظريات فى الولايات المتحدة بصورة مستقلة عن النظريات الأخرى وحققت انتشارا قبل أن تتم ترجمة الأعمال الأخرى) .. ترجم الأوربيون العديد من الأفكار التى ابتكرها المسلمون الأوائل فكانت أعظم منهل للعلوم والمعارف فى أوروبا ، وثبت أن العديد من رجال الفكر الأوروبى كانوا يدرسون الكتب العربية فى الطب ، الكيمياء ، الفلسفة ، الفلك . والعرب بدورهم ترجموا الكثير من الكتب عن اليونانية والسريانية فى القرن الثالث الهجرى دون أن يؤثر ذلك على الطابع الإسلامى الخاص بحضارتهم .تقوم الجامعات والمعاهد العليا بدور كبير فى ترجمة الدراسات والمؤلفات إلى اللغة العربية ، سواء بصورة مباشرة وكلية أو بصورة غير مباشرة من خلال استخدامها فى الأبحاث والمؤلفات التى يقوم بها منسوبى هذه المؤسسات العلمية كمراجع أساسية أو ثانوية ، ولازال هناك العديد من الكتب والمؤلفات تحتاج إلى ترجمة دون أن يتاح ترجمتها بسبب ضعف سوق القراءة . 7- القيام بالخدمات التدريبية والدراسات التجديدية ، التى تنقل إلى الخريجين ما ينبغى أن يطلعوا عليه مما جد بعد تخرجهم فى مجالات عملهم . للتدريب دور فى عملية تدفق المعلومات والمعارف العملية التطبيقية لتنمية مهارات الأفراد العاملين فى مختلف الوظائف والمهن ، من خلال تزويدهم بمهارات جديدة ، وتنمية المهارات والقدرات غير المستغلة ، وانعاش المهارات والقدرات الكامنة فى العاملين ، لتحسين مستوى الأداء وتجنب التقادم فى أساليب العمل ومتابعة التطورات الحديثة فى هذه الأساليب . فالرفاهية الاقتصادية تتوقف على حسن استخدام وإدارة المجتمع لموارده الطبيعية والبشرية وغياب التدريب يؤدى إلى زيادة معدلات التوظيف فى بعض القطاعات نتيجة لانخفاض الإنتاجية وبالتالى عدم توازن وسوء توزيع الموارد البشرية المتاحة على القطاعات الاقتصادية المختلفة . يحول التدريب العلاقة التكاملية بين العمالة غير الماهرة والعمالة الماهرة إلى علاقة إحلالية ، وللتدريب أثار إيجابية عديدة على الاقتصاد الوطنى لا تقل أهمية عن أثار التعليم فى أحداث التغيير النوعى للموارد البشرية وتكوين رصيد متقدم من رأس المال البشرى .والتدريب أكثر سرعة من التعليم فى ملاءمة تطورات واحتياجات سبل الإنتاج ، لأن برامج التدريب تستوعب المستحدثات التكنولوجية بصورة أسرع مما يحدث فى برامج التعليم ، خاصة بسبب أن تغيير المناهج الدراسية لا يتم كل شهر أو ستة أشهر . | |
|