قصة اليوم:
قصة اليوم وردت قي القرآن في سورة الأعراف الآية 175، وهي تحكي قصة رجل يدعي “بلعام بن باعوراء”. كان هذا الرجل عالمًا ومؤمنًا وتقيًّا وعابدًا، ولكن كان بداخل هذا العالم شيء ما سيء؛ حب المكانة والمنزلة، حب الشهرة والرئاسة، فكان يطلب العلم حبًّا في المكانة. والآيتان 175-176 من سورة الأعراف تحكي القصة: “وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا..” فهو قد انسلخ من العلم والدين كالجلد عندما ينسلخ من الجسد. والقصة كانت في عهد موسى عليه السلام وبني إسرائيل بعدما أنقذهم الله من آل فرعون، ففي طريقهم إلى فلسطين مروا بأرض بني كنعان، وكان هؤلاء القوم متحالفين مع فرعون كارهين لموسى عليه السلام. كان بلعام رجلا مؤمنًا، وكانوا غير معترفين به ولا مهتمين به، وكان هو يبغي المنزلة بينهم وعند مرور بني إسرائيل بأرض كنعان بأعدادهم الكبيرة قرروا أن يعسكروا بجوارهم، فخاف منهم بنو كنعان فطلبوا من بلعام بما أنه رجل دين أن يدعو على آل موسى، فقال: “ويلكم هذا نبي الله ومعه الملائكة ومعه المؤمنون” فقالوا: “لك عندنا المنزلة والمكانة ولا نقطع أمرًا إلا بك حتى تخلصنا منهم”، فمازالوا به يمنونه بالمكانة حتى جلس يدعو على موسى وعلى بني إسرائيل، ولكن دون أن يحدث شيء. فقالوا له: “ويحك، لم يحدث شيء لهم” فقال: “أما وقد خسرت آخرتي فلن أخسر دنياي، سأدلكم على حيلة ومكر تمكروه بموسى ومن معه من بني إسرائيل يخلصكم منهم: آتوا بنساء القبيلة فجملوهن وأعطوهن بضائع يبيعونها لبني إسرائيل ومُرُوا النساء ألا يمنعن أنفسهن عن أي رجل من بني إسرائيل- تخيل الانحدار الذي وصل له هذا العالم العابد وكل هذا من أجل الشهرة والمنزلة والأنا- ففعلوا ذلك فانتشروا بين بني إسرائيل، فعلم موسى فدعا عليه فعاش عمره وطال عمره وهو مكتوم.
تُرى كيف سيغفر لنا الله؟ تُرى ما شكل آخرتنا؟ انظر إلى الآيات مرة أخرى: “وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ (نزع جلده، أي نزع دينه وعلمه) فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ” فأتعبته نفسه المريضة والشيطان فكان من الغاويين فأكمل حياته ضائعا. يا نساء، ويا فتيات، حذار أن يُحبِبكن الله في الدين والحجاب وتنسلخن منه. “..وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث..” وهذا ليس سبابًا في الكلب فالكلب دائمًا يلهث بسبب أو دون سبب كذلك الرجل الذي أخذ يلهث على الدنيا في كل حال فأكمل حياته على ذلك النحو واختتمت حياته على ذلك “..ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ”. تلك هي قصة اليوم، وهي قصة قصيرة ولكنها ذات مدلول على حسن وسوء الخاتمة.